ولما كان ثبات علة الناس في الغالب مقيداً بالكتاب، قال تقريباً لأفهامهم:{وما من غائبة} أي من هنة من الهنات في غاية الغيبوبة {في السماء والأرض} أي في أي موضع كان منهما، وأفردهما دلالة على إرادة الجنس الشامل لكل فرد {إلا في كتاب} كتبه قبل إيجادها لأنه لا يكون شيء إلا بعلمه وتقديره {مبين*} لا يخفى شيء فيه على من تعرف ذلك منه كيفما كان؛ ثم دل على ذلك بقوله:{إن هذا القرآن} أي الآتي به هذا النبي الأمي الذي لم يعرف قبله علماً ولا خالط عالماً {يقص} أي يتابع الإخبار ويتلو شيئاً فشيئاً على سبيل القطع الذي لا تردد فيه، من غير زيادة ولا نقص {على بني إسرائيل} أي الذي أخبارهم مضبوطة في كتبهم لا يعرف بعضها إلا قليل من حذاق أخبارهم {أكثر الذي هم} أي خاصة لكونه من خاص أخبارهم التي لا علم لغيرهم بها {فيه يختلفون*} أي من أمر الدين وإن بالغوا في كتمه، كقصة الزاني المحصن في إخفائهم أن حده الرجم، وقصة عزير والمسيح، وإخراج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك من توارتهم، فصح بتحقيقه على لسان من لم يلم بعلم قط أنه من عند الله، وصح أن الله تعالى يعلم كل شيء إذ لا خصوصية لهذا دون غيره بالنسبة إلى علمه سبحانه.