متى ما تقد بالباطل الحق يأبه ... وأن تقد الأطوار بالحق تنقد
ثم علل ذلك حثاً على التحري في الأعمال، وفطماً لأهل الإبطال، عن تمني المحال، فقال:{إنك على الحق المبين*} أي البين في نفسه الموضح لغيره، فحقك لا يبطل ووضوحه لا يخفى، ونكوصهم ليس عن خلل في دعائك لهم، وإنما الخلل في مداركهم، فثق بالله في تدبير أمرك فيهم؛ ثم علل هذا الذي أرشد السياق إلى تقديره، أو استأنف لمن يسأل متعجباً عن وقوفهم عن الحق الواضح بقوله:{إنك لا تسمع الموتى} أي لا توجد سمعاً للذين هم كالموتى في عدم الانتفاع بمشاعرهم التي هي في غاية الصحة، وهم إذا سمعوا الآيات أعرضوا عنها.
ولما كان تشبيههم بالموتى مؤيساً، قال مرجياً:{ولا تسمع الصم الدعاء} أي لا تجدد ذلك لهم، فشبههم بما في أصل خلقهم مما جبلوا عليه من الشكاسة وسوء الطبع بالصم.
ولما كانوا قد ضموا إلى ذلك الإعراض والنفرة فصاروا كالأصم المدبر، وكان الأصم إذا أقبل ربما بمساعدة بصره وفهمه، قال:{إذا ولوا مدبرين*} فرجاه في إيجاد الإسماع إذا حصلت لهم حالة من الله تقبل بقلوبهم.
ولما شبههم بالصم في كونهم لا يسمعون إلا مع الإقبال، مثلهم