منها، لا تشكون في شيء من ذلك أنه على ما وصفته ولا ترتابون، فتظهر لكم عظمة القرآن، وإبانة آيات الكتاب الذي هو الفرقان، وترون ذلك حق اليقين {ولتعلمن نبأه بعد حين}[ص: ٨٨] ، {يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق}[الأعراف: ٥٣] ، {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}[يس: ٥٢] .
ولما كان قد نفس لهم بالسين في الآجال، وكان التقدير تسلية له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وما ربك بتاركهم على هذا الحال من العناد لأن ربك قادر على ما يريد، عطف عليه قوله:{وما ربك} أي المحسن إليك بجميع ما أقامك فيه من هذه الأمور العظيمة والأحوال الجليلة الجسيمة {بغافل عما تعملون*} أي من مخالفة أوامره، ومفارقة زواجره، ويجوز أن تكون الجملة حالاً من فاعل {يرى} أي ربكم غير غافل، ومن قرأ بالخطاب كان المعنى: عما تعمل انت وأتباعك من الطاعة. وهو من المعصية، فيجازي كلاًّ منكم بما يستحق فيعلي أمرك، ويشد إزرك، ويوهن أيدهم، ويضعف كيدهم، بما له من الحكمة، والعلم ونفوذ الكلمة، فلا يظن ظان أن تركه للمعالجة بعقابهم لغفلة عن شيء من أعمالهم، إنما ذلك لأنه حد لهم حداهم بالغوه لا محالة لأنه لا يبدل القول لديه، فقد رجع آخرها كما ترى بإبانة الكتاب وتفخيم القرآن وتقسيم الناس فيه إلى مهتد وضال إلى أولها، وعانق ختامها ابتداءها بحكمة منزلها، وعلم مجملها ومفصلها، إلى غير ذلك