وتمكينهم بعده، وإنزال الكتاب عليهم، فحالهم بإنكار التمكين لأهل الإسلام والتكذيب بكتابهم حال المكذب بأمر بني إسرائيل، لأنه لا فرق بين نبي ونبي، وكتاب وكتاب، وناس وناس، لأن رب الكل واحد، فقال:{ولقد آتينا} أي بما لنا من الجلال والجمال والمجد والكمال {موسى الكتاب} أي التوراة الجامعة للهدى والخير في الدارين؛ قال أبو حيان: وهو أول كتاب أنزلت فيه الفرائض والأحكام.
ولما كان حكم التوراة لا يستغرق الزمان الآتي، أدخل الجار فقال:{من بعد ما} إشارة إلى أن إيتاءها إنما هو في مدة من الزمان، ثم ينسخها سبحانه بما يشاء من أمره {أهلكنا} أي بعظمتنا {القرون الأولى} أي من قوم نوح إلى قوم فرعون، ووقتها بالهلاك إشارة إلى أنه لا يعم أمة من الأمم بالهلاك بعد إنزالها تشريفاً لها ولمن أنزلت عليه وأوصلت إليه؛ ثم ذكر حالها بقوله:{بصائر} جمع بصيرة، وهي نور القلب، مصابيح وأنواراً {للناس} أي يبصرون بها ما يعقل من أمر معاشهم ومعادهم، وأولاهم وأخراهم، كما أن نور العين