{سلام عليكم} أي منا. ولما جرت العادة بأن مثل هذا يكسر اللاغي، ويرد الباغي، أشاروا لهم إلى قبح حالهم، رداً على ضلالهم، بقولهم تعليلاً لما مضى من مقالهم:{لا نبتغي} أي لا نكلف أنفسنا أن نطلب {الجاهلين*} أي نريد شيئاً من أحوالهم أو أقوالهم، أو غير ذلك من خلالهم.
ولما كان من المعلوم أن نفس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما جبلت عليه من الخير والمحبة لنفع جميع العباد، لا سيما العرب، لقربهم منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لاسيما أقربهم منه صلة للرحم تتأثر بسبق أهل الكتاب لقومه، وكان ربما ظن ظان أن عدم هدايتهم لتقصير في دعائه أو إرادته لذلك، وأنه لو أراد هدايتهم وأحبها، وعلق همته العلية بها لاهتدوا، أجيب عن هذا بقوله تعالى في سياق التأكيد إظهاراً لصفة القدرة والكبرياء والعظمة:{إنك لا تهدي من أحببت} أي نفسه أو هدايته بخلق الإيمان في قلبه، وإنما في يدك الهداية التي هي الإرشاد والبيان.
ولما كان ربما ظن من أجل الإخبار بتوصيل القول وتعليله ونحو ذلك من أشباهه أن شيئاً من أفعالهم يخرج عن القدرة، قال نافياً لهذا الظن مشيراً إلى الغلط في اعتقاده بقوله:{ولكن الله} المتردي برداء الجلال والكبرياء والكمال وله الأمر كله {يهدي من يشاء} هدايته