اللسان، والمتمادي في الغي، وأبطره ذرعه: حمله فوق طاقته، وذهب دمه بطراً - بالكسر، أي هدراً وبطرهم لها أنهم عصوا من خولهم فيها، فخالفوا أمره، وأنساهم الكبر بما أعطاهم ذكره.
ولما تسبب عن هذا الإخبار تشوف النفس إلى آثار هذه الديار، سبب عنه الإشارة بأداة البعد إلى منازلهم، تنبيهاً على كثرتها وسهولة الوصول إليها في كل مكان، لكونها بحيث يشار إليها وعلى بعد رتبتها في الهلاك دليلاً على الجملة التي قبلها فقال:{فتلك مساكنهم} .
ولما كان المعنى أنها خاوية على عروشها وصل به قوله:{لم تسكن} أي من ساكن ما مختار أو مضطر. ولما كان المراد إفهام نفي قليل الزمان وكثيره، أثبت الجار فقال:{من بعدهم} بعد أن طال ما تغالوا فيها ونمقوها، وزخرفوها وزوقوها، وزفوا فيها الأبكار، وفرحوا بالأعمال الكبار، {إلا} سكوناً {قليلاً} بالمارة عليها ساعة من ليل أو من نهار، ثم يصير تباباً موحشة كالقفار، بعد أن كانت متمنعة القبا، ببيض الصفاح وسمر القنا.
ولما صارت هذه الأماكن بعد الخراب لا متصرف فيها ظاهراً إلا الله، ولا حاكم عليها فيما تنظره العيون سواه، وكان هذا أمراً