الراسخين في الفرح بما يفنى، فإن فرحهم يدل على سفول الهمم.
ولما كان ترك الفرح سبباً للزهد، وهو سبب القرب إلى الله، كان كأن قيل: وازهد فيه إن الله يحب الزاهدين {وابتغ} أي اطلب طلباً تجهد نفسك فيه {فيما آتاك الله} أي الملك الأعظم الذي له الأمر كله من هذه الأموال حال تمكنك {الدار الآخرة} بإنفاقه فيما يحبه الله بحيث يكون ابتغاؤك ذلك مظروفاً له فيكون كالروح والمؤتى كالجسد ليكون حياً بذلك الابتغاء، فلا يكون منه شيء بغير حياة، فإن فعلك لذلك يذكرك أن هذه الدار دار قلعة وارتحال، وكل ما فيها إلى زوال، وذلك يوجب الزهد في جميع ما فيها من الأموال.
ولما كان ذلك شديد المشقة على النفوس مع ما فيه من شائبة الاتهام قالوا:{ولا تنس} أي تترك ترك الناسي {نصيبك من الدنيا} ترك المنسي، بل استعمل المباحات من المآكل والملابس والمناكح والمساكن وما يلائمها، وليكن استعمالك لذلك - كما دل عليه السياق - من غير إسراف ولا مخيلة توجب ترك الاتصاف بالإنصاف؛ وعن