أبطرته النعمة حتى على خالقه حتى حصل التشوف إلى جوابه فقيل في أسلوب التأكيد لأن كل أحد يعلم من نفسه العجز، وأن غيره ينكر عليه فيما يدعي أنه حصله بقوته:{قال إنما أوتيته} أي هذا المال {على علم} حاصل {عندي} فأنا مستحق لذلك، وذلك العلم هو السبب في حصوله، لا فضل لأحد عليّ فيه - بما يفيده التعبير بإنما، وبناء الفعل للمجهول إشارة إلى عدم علمه بالمؤتى من هو، وقد قيل: إن ذلك العلم هو الكيمياء.
ولما كان التقدير: ألا يخاف أن يسلبه الله - عقوبة له على هذا - علمه وماله ونفسه؟ ألم يعلم أن ذلك إنما هو بقدرة الله؟ لا صنع له في الحقيقة في ذلك أصلاً، لأن الله قد أفقر من هو أجل منه حيلة وأكثر علماً، وأعطى أكثر منه من لا علم له ولا قدرة، فهو قادر على إهلاكه، وسلب ما معه وإفنائه، كما قدر على إيتائه، عطف عليه قوله منكراً عليه:{أولم يعلم أن الله} أي بما به من صفات الجلال والعظمة والكمال {قد أهلك} ونبه على أنه لم يتعظ مع مشاهدته للمهلكين الموصوفين مع قرب الزمان بإدخال من في قوله: {من قبله} ولو حذفها لاستغرق الإهلاك على ذلك الوصف جميع ما تقدمه من