سبباً ومسبباً، ومر فيما لا بد منه حتى ذكر قصة قارون المعرّفة - ولا بد - بأن هذه الدار للزوال، لا يغنى فيها رجال ولا مال، وأن الآخرة للدوام، وأمر فيها بأن يحسن الابتغاء في أمر الدنيا، وختم بأن هذا الفلاح مسلوب عن الكافرين، فكان موضع استحضار الآخرة، مع أنه قدم قريباً من ذكرها وذكر موافقتها ما ملأ به الأسماع، فصيرها حاضرة لكل ذي فهم، معظمة عند كل ذي علم، أشار إليها سبحانه لكلا الأمرين: الحضور والعظم، فقال:{تلك} أي الأمر المنظور بكل عين، الحاضر في كل قلب، العظيم الشأن، البعيد الصيت، العلي المرتبة، الذي سمعت أخباره، وطنت على الآذان أوصافه وآثاره {الدار الآخرة} أي التي دلائلها أكثر من أن تحصر، وأوضح من أن تبين وتذكر، من أعظمها تعبير كل أحد عن حياته بالدنيا والتي أمر قارون بابتغائها فأبى إلا علواً وفساداً {نجعلها} بعظمتنا {للذين} يعملون ضد عمله.
ولما كان المقصود الأعظم طهارة القلب الذي عنه ينشأ عمل الجوارح، قال:{لا يريدون} ولم يقل يتعاطون - مثلاً،