ولما ثبت ذلك، أنتج لا محالة قوله: مهدداً بعد البيان الذي ليس بعده إلا العناد: {يعذب} بعدله {من يشاء} أي منكم ومن غيركم في الدنيا والآخرة، فلا يقدر أحد بشفاعة ولا غيرها على الحماية منه {ويرحم} بفضله {من يشاء} فلا يقدر أحد على أن يمسه بسوء {وإليه} أي وحده {تقلبون*} أي بعد موتكم بأيسر سعي.
ولما لم يبق للقدرة على إعادتهم مانع يدعي إلا ممانعتهم منها، أبطلها على تقدير ادعائهم لها فقال:{وما أنتم} أي أجمعون العرب وغيرهم {بمعجزين} أي بواقع إعجازهم في بعثكم وتعذيبكم {في الأرض} كيفما تقلبتم في ظاهرها وباطنها.
ولما كان الكلام هنا له أتم نظر إلى ما بعد البعث، وكانت الأحوال هناك خارجة عما يستقل به العقل، وكان أثر القدرة أتم وأكمل، وأهم وأشمل، وكان بعض الأرواح يكون في السماء بعد الموت قال:{ولا في السماء} أي لو فرض انكم وصلتم إليها بعد الموت بالحشر أو قبله، لأن الكل بعض ملكه، فكيف يعجزه من في ملكه، ويمكن أن يكون له نظر إلى قصة نمرود في بنائه الصرح الذي أراد به التوصل إلى السماء لا سيما والآيات مكتنفة بقصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام من قبلها ومن بعدها.