حق الفهم مع تساويهم في الإنسانية إلا وهو من أهل السكينة، والإخبات والطمأنينة، ولا يعجزه أحد يريد أخذه، ولا يفلح أحد عصى أنبياءه، فبانت عزته، وظهرت حكمته، فطابق الواقع ما أخبر به، وأيضاً فالأمثال إنما تكون بالمحسوسات، وهي إما سماوية أو أرضية، فإيجاد هذه الموجودات إنما هو لأجل العلم بالله تعالى.
ولما كان المراد بالعالم قد يخفي، بينه بقوله مشيراً بالتأكيد إلى أن حالهم في عدم الانتفاع بالنظر فيها حال من ينكر أن يكون فيها دلالة:{إن في ذلك} أي الأمر العظيم من تأملهم لمطابقة الواقع لإخباره سبحانه، فلا يخبر بشيء إلا كان الواقع منهما أو مما فيهما يطابقه سواء بسواء {لآية} أي دلالة مسعدة {للمؤمنين*} أي الذين هم العالمون في الحقيقة، حداهم علمهم بما في الكونين من المنافع المترتبة على النظام المعروف مع ما في خلقهما أنفسهما مع كبر الأجرام وبديع الإحكام، على الإيمان بجميع ما أخبر به حتى لم يكن عندهم نوع شك، وصار لهم صفة لا تنفك.
ولما أفاد هذا الخبر كله القرآن الذي لا حق أحقّ منه، ودل على أن فهم أمثاله يحتاج إلى مزيد علم، وأن مفتاح العلم به سبحانه رسوخ الإيمان، خاطب رأس أهل الإيمان لأنه أعظم الفاهمين له ليقتدي به الأتباع فقال: