وجب العلم بأن هذا القرآن حق، والمتحدي به نبي جاء بالصدق، وحاصله: لو لم تعجز العرب لم تحارب ثقل الحرب وخفة المعارضة لو استاطاعوها، ولم يعارضوا وحاربوا فقد عجزوا، فثبت بذلك أنه نبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهى.
ولما كان من المعلوم أنهم يقولون: نحن لا نصدق أن هذا الكتاب من عند الله فضلاً عن أن نكتفي به، قال:{قل} أي جواباً لما قد يقولونه من نحو هذا: {كفى بالله} أي الحائز لجميع العظمة وسائر الكمالات، الذي شهد لي بالرسالة في كتابة الذي أثبت أنه كلامه عجز الخلق عن معارضته.
ولما كانت العناية في هذه السورة بذكر الناس، وتفصيل أحوالهم، ابتدأ بقوله:{بيني وبينكم} قبل قوله: {شهيداً} بخلاف الرعد والأنعام، ثم وصف الشهيد أو علل كفايته بقوله:{يعلم ما في السماوات} أي كلها. ولما لم يكن للارض غير هذه التي يشاهدونها ذكر في إتيان الوحي والقرآن منها، أفرد فقال:{والأرض} أي لا يخفى عليه شيء من ذلك فهو عليم بما ينسبونه إليّ من التقول عليه وبما أنسبه أنا إليه