{في أدنى الأرض} أي أقرب أرضهم إلى أرضكم أيها العرب، وهي في أطراف الشام، وفي تعيين مكان الغلب - على هذا الوجه - بشارة للعرب بأنهم يغلبونهم إذا وافقوهم، فإن موافقتهم لهم تكون في مثل ذلك المكان. وقد كان كذلك بما كشف عنه الزمان، فكأنه تعالى يقول لمن فرح من العرب بنصر أهل فارس على الروم لنكاية المسلمين: اتركوا هذا السرور الذي لا يصوب نحوه من له همة الرجال، وأجمعوا أمركم وأجمعوا شملكم، لتواقعوهم في مثل هذا الوضع فتنصروا عليهم، ثم لا يقاومونكم بعدها أبداً، فتغلبوا على بلادهم ومدنهم وحصونهم وأموالهم ونسائهم وأبنائهم.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما أعتب سبحانه أهل مكة، ونفى عليهم قبح صنيعهم في التغافل عن الاعتبار بحالهم، وكونهم - مع قلة عددهم - قد منع الله بلدهم عن قاصد نهبه، وكف أيدي العتاة والمتمردين عنهم مع (تعاور) أيدى المنتهين على من حولهم، وتكرر ذلك واطراده صوناً منه تعالى لحرمه وبيته، فقال تعالى:
{أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم}[العنكبوت: ٦٧] أي ولم يكفهم هذا في الاعتبار، وتبينوا أن ذلك ليس عن قوة منهم ولا حسن دفاع، وإنما هو بصون الله