رجل استودع أمانة فهو حقيق أن يردها على من استودعها ولن يسلم الحر أمانته، أو رجل مكذوب عليه وليس ينبغي للملك أن يأخذه بقول عدو أو حاسد. وكانت الأعاجم لهم قوة وحلم، وكانوا قد سمعوا ببعض حلم العرب، وأن الملك كائن فيهم، فلما ورد عليه كتاب هانىء بهذا حملته الشفقة أن يكون ذلك قد اقترب على أن خرج بنفسه، فأقبل حتى قطع الفرات فنزل غمر بني مقاتل، وقد أحنقه ما صنعت بكر بن وائل في السواد ومنع هانىء إياه ما منعه، ودعا كسرى إياس بن قبيصة الطائي وكان عامله على عين التمر وما والاها، فاستشاره في الغارة على بكر بن وائل فقال له إياس: إن الملك لا يصلح أن يعصيه أحد من رعيته، وإن تطعني لم يعلم أحد لأي شيء عبرت وقطعت الفرات، فيرون أن أمر العرب قد كربك، ولكن ترجع وتضرب عنهم وتبعث عليهم العيون حتى ترى منهم غرة ثم ترسل حينئذ كتيبة من العجم فيها بعض القبائل التي تليهم فيوقعون بهم وقعة الدهر، ويأتونك بطلبك، فقال له كسرى: أنت رجل من العرب وبكر بن وائل أخوالك، فأنت تتعصب لهم لا تألوهم نصحاً، فقال إياس: الملك أفضل رأياً، فقام عمر بن عدي بن زيد العبادي