اعملوا فكل ميسر لما خلق له» وآية سبحان {كل يعمل على شاكلته}[الإسراء: ٨٤] وذلك أنه لما أخبرهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الله تعالى قد كتب أهل الجنة وأهل النار، فلا يزاد فيهم ولا ينقص، قالوا: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فالكتاب حجة عليهم، لأن مبناه على أن فلاناً من أهل النار لكونه لم يعمل كذا وكذا، فأرادوا أن يجعلوه حجة لهم فاعلموا أن في ذلك أمرين لا يبطل أحدهما الآخر: باطن هو العلة الموجبة في حكم الربوبية وهو العلم، وظاهر هو السمة اللازمة في حق العبودية وهو العمل، وهو أمارة مخيلة غير مفيدة حقيقة العلم، عولموا بذلك ليتعلق خوفهم بالباطن المغيب عنهم، ورجاؤهم بالظاهر البادي لهم، والخوف والرجاء مدرجتا العبودية ليستكملوا بذلك صفة الإيمان، ونظير ذلك أمران: الرزق المقسوم مع الأمر بالمكسب، والأجل المحتوم مع المعالجة بالطب، فالمغيب فيهما علة موجبة والظاهر سبب مخيل، وقد اصطلح خواصهم وعوامهم على أن الظاهر منهما لا يترك بالباطن - ذكر معناه الرازي في اللوامع عن الخطابي.
ولما كانت سلامة الفطرة الأولى أمراً مستمراً، قال:{لا تبديل}