صارفاً الخطاب عن المقام الشريف الذي كان مقبلاً عليه، تعريفاً بتنزه جنابه عنه، وبعد تلك الهمة العلية والسجايا الطاهرة النقية منه، إلى جهة من يمكن ذلك منهم فقال:{وما آتيتم} أي جئتم أي فعلتم - في قراءة ابن كثير بالقصر ليعم المعطي والآخذ والمتسبب، أو أعطيتم - في قراءة غيره بالمد {من ربا} أي مال على وجه الربا المحرم أو المكروه، وهو أن يعطي عطية ليأخذ في ثوابها أكثر منها، وكان هذا مما حرم على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشريفاً له، وكره لعامة الناس. وعلى قراءة ابن كثير بالقصر المعنى: وما جئتم به من إعطاء بقصد الربا {ليربوا} أي يزيد ويكثر ذلك الذي أعطيتموه أو فعلتوه، أو لتزيدوا أنتم ذلك - على قراءة المدنيين ويعقوب بالفوقانية المضمومة، من: أربى {في أموال الناس} أي تحصل فيه زيادة تكون أموال الناس ظرفاً لها، فهو كناية عن أن الزيادة التي يأخذها المربي من أموالهم لا يملكها أصلاً {فلا يربوا} أي يزكوا وينمو {عند الله} أي الملك الأعلى الذي له الغنى المطلق وكل صفات الكمال، وكل ما لا يربو عند الله فهو غير مبارك بل ممحوق لا وجود له، فإنه إلى فناء وإن كثر {يمحق الله الربا ويربي الصدقات} [