من الشر عملاً هو من شدة تراميهم إليه وإن كان على أدنى الوجوه بما أشار إليه تجريد الفعل كأنه مسكوب من علو، ومن شدة إتقان شره كأنه مسبوك.
ولما كان أكثر الأفعال باليد، أسند إليها ما يراد به الجملة مصرحاً بعموم كل ما له أهلية التحرك فقال:{أيدي الناس} أي عقوبة لهم على فعلهم. ولما ذكر علته البدائية، ثنى بالجزائية فقال:{لنذيقهم} أي بما لنا من العظمة في رواية قنبل عن ابن كثير بالنون لإظهار العظمة في الإذاقة للبعض والعفو عن البعض، وقراءة الباقين بالتحتانية على سنن الجلالة الماضي؛ وأشار إلى كرمه سبحانه بقوله:{بعض الذي عملوا} أي وباله وحره وحرقته، ويعفو عن كثير إما أصلاً ورأساً، وإما المعاجلة به ويؤخره إلى وقت ما في الدنيا، أو إلى الآخرة، والمراد الجزاء بمثل أعمالهم جزاء لها تعبيراً عن المسبب بالسبب الذي أتوه إلى الناس فيعرفوا إذا سلبوا المال مقدار ما ذاق منهم ذلك الذي سلبوه، وإذا قتل لهم حميم حرارة ما قاسى حميم ما قتلوه، ونحو ذلك مما استهانوه لما أتوه إلى غيرهم من الأذى البالغ وهم يتضاحكون ويعجبون