على نحو ما أصاب به الماضين قال:{فانظروا} بفاء التعقيب، ولما كان ما أحله بهم في غاية الشدة، عرفهم بذلك، فساق مساق الاستفهام تخويفاً لهم من إصابتهم بمثله فقال:{كيف} ولما كان عذابهم مهولاً، وأمرهم شديداً وبيلاً، دل عليه بتذكير الفعل فقال:{كان عاقبة} أي آخر أمر {الذين} ولما كان المراد طوائف المعذبين، وكانوا بعض من مضى، فلم يستغرقوا الزمان، بعض فقال:{من قبل} أي من قبل أيامكم أذاقهم الله وبال أمرهم، وأوقعهم في حفائر مكرهم.
ولما كان هذا التنبيه كافياً في الاعتبار، فكان سامعه جديراً بأن يقول: قد تأملت فرأيت آثارهم عظيمة، وصنائعهم مكينة، ومع ذلك فمدنهم خاليه وبيوتهم خاوية، قد ضربوا بسوط العذاب، فعمهم الخسار والثياب، فما لهم عذبوا، فأجيب بقوله:{كان أكثرهم مشركين*} فلذلك أهلكناهم ولم تغنِ عنهم كثرتهم، وأنجينا المؤمنين وما ضرتهم قلتهم.
ولما كانوا مع كثرة مرورهم على ديارهم، ونظرهم لآثارهم، وسماعهم لأخبارهم، لم يتعظوا، أشير إلى أنهم عدم، بصرف الخطاب عنهم، وتوجيهه إلى السامع المطيع، فقال مسبباً عما مضى من إقامة الأدلة