للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالناس، منها النافع نفعاً كبيراً، ومنها الضار ضراً كثيراً، فقال: {ومن آياته} أي الدلالات الواضحة الدالة علم كمال قدرته وتمام علمه الدال على أنه هو وحده الذي أقام هذا الوجود، وكما أنه أقامه فهو يقيم وجوداً آخر هو زبدة الأمر، ومحط الحكمة، وهو أبدع من هذا الوجود، يبعث فيه الخلق بعد فنائهم، ويتجلى لفصل القضاء بينهم، فيأخذ بالحق لمظلومهم من ظالمهم، ثم يصدعهم فيجعل فريقاً منهم في الجنة دار الإعانة والكرامة، وفريقاً في السعير غار الإهانة والملامة {أن يرسل الرياح} على سبيل التجدد والاستمرار، وهي ما عدا الدبور المشار في الحديث الشريف إلى الاستعاذة منها

«اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً» وقد تقدم من شرحي لها عند {من يرسل الرياح بشراً} في [النمل: ٦٣] ما فيه كفاية، وفي جمعها المجمع عليه هنا لوصفها بالجمع إشارة إلى باهر القدرة، فإن تحويل الريح الواحدة من جهة إلى أخرى أمر عظيم لا قدرة لغيره عليه في الفضاء الواسع، وكذا إسكانه، فكيف إذا كانت رياح متعاكسة، ففي إثارتها كذلك ثم إسكانها من باهر القدرة ما لا يعلمه إلا أولو البصائر {مبشرات} أي لكم بكل ما فيه نفعكم من المطر والروح وبرد الأكباد

<<  <  ج: ص:  >  >>