ثم بين طيشهم وعجزهم بقوله:{وإن} أي والحال أنهم {كانوا} في الزمن الماضي كوناً متمكناً في نفوسهم، وبين رب يأسهم من استبشارهم دلالة على سرعة انفعالهم وكثرة تقلبهم بالجار، فقال:{من قبل أن ينزل} أي المطر بأيسر ما يكون عليه سبحانه {عليهم} ثم أكد عظم خفتهم وعدم قدرتهم بقوله: {من قبله} أي الاستبشار سواه من غير تخلل زمان يمكن أن يدعي لهم فيه تسبب في المطر {لمبلسين*} أي ساكتين على ما في أنفسهم تحيراً ويأساً وانقطاعاً، فلم يكن لهم على الإتيان بشيء من ذلك حيلة، ولا لمعبوداتهم صلاحية له باستقلال ولا وسيلة.
ولما انكشف بذلك الغطاء، وزاحت الشبه، أعرض سبحانه عنهم على تقدير أن يكون «ترى» لمن فيه أهلية الرؤية إيذاناً بأنه لا فهم لهم ملتفتاً إلى خلاصة الخلق الصالح للتلقي عنه قائلاً مسبباً عن ذلك: {فانظر} ولما كان المراد تعظيم النعمة، وأن الرزق أكثر من الخلق، عبر بحرف الغاية إشارة إلى تأمل الأقصى بعد تأمل الأدنى فقال:{إلى آثار} ولما لم يكن لذلك سبب سوى سبق رحمته لغضبه قال: {رحمت الله} للجامع لمجامع العظة، وأظهر ولم يضمر تنبيهاً على