ولما انقضت هذه الجمل، رافعة أعناقها على المشتري وزحل، قابلة لمن يريد عملها مع الكسل، والضجر في الفكر والملل، وأين الثريا من يد المتناول، وكان قد أخبر سبحانه وتعالى في أول السورة أن الآيات المسموعة هدى لقوم وضلال لآخرين، وكان من الغرائب أن شيئاً واحداً يؤثر شيئين متضادين، وأتبع ذلك ما دل على أنه من بالغ الحكمة بوجوه مرضية مشرقة مضيئة، لكنها بمسالك دقيقة وإشارات خفية، إلى أن ختم بالنهي عن التكبر، ورفع الصوت فوق الحاجة، إشارة إلى أن فاعل ما لا حاجة إليه غير حكيم، وكان التكبر على الناس والتعالي عليهم من آثار الفضل في النعمة، وكانت العادة جارية بأن اللك يخضع له تارة لمجرد عظمته، وتارة خوفاً من سطوته، وتارة رجاء لنعمته، أبرز سبحانه وتعالى غيب ما وصف به الآيات المسموعة من تأثير الضدين في حالة واحدة في شاهد الآيات المرئية على وجه يدل على استحقاقه، لما أمر به لقمان عليه السلام من العبادة والتذلل، وأن إليه المرجع، وهو عالم على استحقاقه، لما أمر به لقمان شيء، وأن كل ما ترى خلقه مذكراً بأن النعمة إنما هي منه، فلا ينبغي لأحد أن يفخر بما آتاه غيره، ولو كل فيه إلى نفسه لم يقدر على شيء منه، محذراً من سلبها