{ألم تروا} دليلاً على أول السورة، أي أشير إلى الآيات حال كونها هدى لمن ذكر والحال أن من الناس من يشتري اللهو، ألم تروا دليلاً على أن من الناس المعاند بعد وضوح الدليل أن الله سخر لكم جميع العالم وأنعم عليكم بما أنعم والحال أن من الناس {من يجادل} فلا لهو أعظم من جداله، ولا كبر مثل كبره، ولا ضلال مثل ضلاله، وأظهر لزيادة التشنيع على هذا المجادل، وإشارة إلى قبح المجادلة من غير نظر إلى النعم فقال تعالى:{في الله} المحيط بكل شيء علماً وقدرة.
ولما كان سبحانه في ظهور وجوده وأوصافه بحيث لا يخفى بوجه، وكان المجادل قد يكون فهماً، قال:{بغير} أي بكلام متصف بأنه غير {علم} أي بل بألفاظ هي في ركاكة معانيها لعدم استنادها إلى حس ولا عقل ملحقة بأصوات الحيوانات العحم، فكان بذلك حماراً تابعاً للهوى.
ولما كان المعنى قد يظهر لبعض القاصرين، لوروده على لسان من لا يعتبر، فإذا أضيف إلى كبير، تؤمل ولم يبادر إلى رده لاستعظامه، فظهر على طول حسه، قال معبراً بأداة النفي الحقيقة به، لأن الموضع لها، وعدل عنها اولاً لئلا يظن أن المذموم إنما هو المجادل إذا كان غير متصف بالعلم