ولا ذكر المسلم ذكر الكافر فقال:{ومن كفر} أي ستر ما أداه إليه عقله من أن الله لا شريك له، وأنه لا قدرة لأحد سواه، ولم يسلم وجهه إليه، فتكبر على الدعاة وأبى أن ينقاد لهم، اتباعاً لما قاده إليه الهوى. بأن جعل لنفسه اختياراً وعملاً فعل القوي القادر، فقد ألقى نفسه في كل هلكة لكونه لم يتمسك شيء {فلا يحزنك} أي يهمك ويوجعك، وأفرد الضمير باعتبار لفظ من لإرادة التنصيص على كل فرد فقال:{كفره} كائناً من كان فإنه لم يَفُتك شيء فيه خير ولا معجز لنا ليحزنك، ولا تبعة عليك بسببه، وفي التعبير هنا بالماضي وفي الأول بالمضارع بشارة بدخول كثير في هذا الدين، وأنهم لا يرتدون بعد إسلامهم، وترغيب في الإسلام لكل من كان خارجاً عنه، فالآية من الاحتباك: ذكر الحزن ثانياً دليلاً على حذف ضده أولاً، وذكر الاستسماك أولاً دليلاً على حذف ضده ثانياً.
ولما كان الحزن بمعنى الهم، حسن التعليل بقوله التفاتاً إلى مظهر العظمة التي هذا من أخفى مواضعها، وجمع لأن الإحاطة بالجمع أدل على العظمة:{إلينا} أي خاصة بما لنا من العظمة التي لا تثبت لها الجبال