إنهم ليعلمون ما أثبت بالتحميد، قال:{بل أكثرهم لا يعلمون *} أي إن الله هو المنفرد بكل شيء كما أنه تفرد بخلق السماوات والأرض، وأنه لا يكون شيء، إلا بإذنه لأنهم لا يعملون بما يعلمون من ذلك، وعلم لا يعمل به عدم، بل العدم خير منه، وكان القليل هم المقتصدون عند النجاة من الشدة كما سيأتي آنفاً، أو يكون المعنى أنه لا علم لهم أصلاً إذ لو كان لهم علم لنفعهم في علمهم بالله، أو في أنهم لا يقرون بتفرده سبحانه بالخلق والرزق، فيكون ذلك موجباً لتناقضهم وملزماً لهم بالإقرار بصدقك غي الحكم بوحدانيته على الإطلاق. ولما أثبت لنفسه سبحانه الإحاطة بأوصاف الكمال، شرع يستدل على ذلك، فقال مبيناً أن ما أخبر أنه صنعه فهو له:{لله} أي الملك الأعظم المحيط بجميع أوصاف الكمال خاصة دون غيره {ما في السماوات} كلها. ولما تحرر بما تقدم أنهم عالمون مقرون بما يلزم عنه وحدانيته، لم يؤكد بإعادة {ما} والجار، بل قال:{والأرض} أي كلها كما كانتا مما صنعه، فلا يصح أن يكون شيء من ذلك له شريكاً.
ولما ثبت ذلك أنتج قطعاً قوله:{إن الله} أي الملك الأعظم {هو} أو وحده، وأكد لأن ادعائهم الشريك يتضمن إنكار غناه،