في السنة مرة، لا يقدر منهما أن يتعدى طوره، ولا أن ينقص دوره، ولا أن يغير سيره.
ولما بان بهذا التدبير المحكم، في هذا الأعظم، شمول علمه وتمام قدرته، عطف على «أن الله» قوله مؤكداً لأجل أن أفعالهم أفعال من ينكر علمه بها: {وأن الله} أي بما له من صفات الكمال المذكورة وغيرها، وقدم الجار إشارة إلى تمام علمه بالأعمال كما مضت الإشارة إليه غير مرة، وعم الخطاب بياناً لما قبله وترغيباً وترهيباً فقال:{بما تعملون} أي في كل وقت على سبيل التجدد {خبير *} لا يعجزه شيء منه ولا يخفى عنه، لأنه الخالق له كله دقه وجله، وليس للعبد في إيجاده غير الكسب لأنه لا يعلم مقدار الحركات والسكنات في شيء منه، ولو كان هو الموجد له لعلم ذلك لأنه لا يقدر على الإيجاد ناقص العلم أصلاً، وكم أخبر سبحانه في كتبه وعلى لسان أنبيائه بأشياء مستقبلية من أمور العباد، فكان ما قاله كما قاله، لم يقدر أحد منهم أن يخالف في شيء مما قاله، فتمت كلماته، وصدقت إشاراته وعباراته، وهذا دليل آخر على تمام القدرة على البعث وغيره باعتبار أن الخلائق في جميع الأرض يفوتون الحصر، وكل منهم