أنه الحق الذي أثبت بوجوب وجوده ما ترون من الأحمال الثقال على وجه الماء الذي ترسب فيه الإبرة فما دونها، وهي مساوية لغيرها في أن الكل من التراب، فما فاوت بينها إلا هو بتمام قدرته وفعله بالاختيار.
ولما كان هذا أمراً إذا جرد النظر فيه عن كونه قد صار مألوفاً بهر العقول وحير الفهوم، أشار إليه بقوله مؤكداً تنبيهاً مما هم فيه من الغفلة عنه، لافتاً الخطاب بعد الجمع إلى الإفراد تنبيهاً على دقة الأمر وأنه - وإن كان يظن أنه ظاهر - لا يفهمه حق فهمه غيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{إن في ذلك} أي الأمر الهائل البديع الرفيع {لآيات} أي دلالات واضحات على ما له من صفات الكمال في عدم غرقه وفي سيرة إلى البلاد الشاسعة، والأقطار البعيدة، وفي كون سيره ذهاباً وإياباً تارة بريحين، وأخرى بريح واحدة، وفي إنجاء أبيكم نوح عليه السلام ومن أراد الله من خلقه به وإغراق غيرهم من جميع أهل الأرض، وفي غير ذلك من شؤونه، وأموره وفنونه، ونعمه وفتونه وإن كان أكثر ذلك قد صار مألوفاً لكم فجهلتم أنه من خوارق العادات، ونواقض المطردات، وعلم من ختام التي قبلها أن