ثم اعلم سبحانة ان الواقع منهم انما هو بارادتة وسابق من حكمة لياخذ الموفق الموقن نفسة بالتسليم فقال:{ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها} كما فعلنا بلقمان ومن أردنا توفيقه، ثم ذكر انقسامهم بحسب السوابق فقال:{أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون} ثم ذكر مصير الفريقين ومآل الحزبين، ثم أتبع ذلك بسوء حال من ذكر فأعرض فقال:{ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها} وتعلق الكلام إلى آخر السورة - انتهى.
ولما كان هذا الذي قدمه أول السورة على هذا الوجه برهاناً ساطعاً ودليلاً قاطعاً على أن هذا الكتاب من عند الله، كان - كما حكاه البغوي والرازي في اللوامع - كأنه قيل: هل آمنوا به؟ {أم يقولون} مع ذلك الذي لا يمترئ فيه عاقل {افتراه} أي تعمد كذبه.
ولما كان الجواب: إنهم ليقولون: افتراه، وكان جوابه: ليس هو مفتري لما هو مقارن له من الإعجاز، ترتب عليه قوله:{بل هو الحق} أي الثابت ثباتاً لا يضاهيه ثبات شيء من الكتب قبله، كائناً {من ربك} المحسن إليك بإنزاله وإحكامه، وخصه بالخطاب إشارة إلى أنه لا يفهم