اعتناء من بذل جميع الجهد وإن كان الكل عليه سبحانه يسيراً:{وكان الله} الذي له جميع صفات الكمال والجلال والجمال {بما يعملون} أي الأحزاب من التحزب والتجمع والتألب والمكر والقصد السيىء - على قراءة البصري، وأنتم أيها المسلمون من حفر الخندق وغيره من الصدق في الإيمان وغيره - على قراءة الباقين {بصيراً} بالغ الإبصار والعلم، فدبر في هذه الحرب ما كان المسلمون به الأعلين ولم ينفع أهل الشرك قوتهم، ولا أغنت عنهم كثرتهم، ولا ضر المؤمنين قلتهم، وجعلنا ذلك سبباً لإغنائهم بأموال بني قريظة ونسائهم وأبنائهم وشفاء لأدواتهم بإراقة دمائهم - كما سيأتي؛ ثم ذكرهم الشدة التي حصلت بتمالئهم فقال مبدلاً من {إذ} الأولى: {إذ جاؤوكم} أي الجنود المذكورون بادئاً بالأقرب إليهم، لأن الأقرب أبصر بالعورة وأخبر بالمضرة.
ولما كان من المعلوم أنهم لم يطبقوا ما علا وما سفل، أدخل أداة التبعيض فقال:{من فوقكم} يعني بني قريظة وأسد وغطفان من ناحية مصب السيول من المشرق، وأضاف الفوق إلى ضميرهم لأن العيال كانوا في الآكام، وهي بين بني قريظة وبين من في الخندق، فصاروا