حقيقة بجذب الطحال والرئة لها عند ذلك بانتفاخهما إلى أعلى الصدر، ومنه قولهم للجبان: انتفخ منخره أي رئته {الحناجر} جمع حنجرة، وهي منتهى الحلقوم، ومن هذا قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه «شر ما في الإنسان جبن خالع» أي يخلع القلب من مكانه، وجمع الكثرة إشارة إلى أن ذلك عمهم أو كاد.
ولما كانت هذه حالة عرضت، ثم كان من أمرها أنها إما زالت وثبتت إلى انقضاء الأمر، عبر عنها بالماضي لذلك وتحقيقاً لها ولما نشأ عنها تقلب القلوب وتجدد ذهاب الأفكار كل مذهب، عبر بالمضارع الدال على دوام التجدد فقال:{وتظنون بالله} الذي له صفات الكمال فلا يلم نقص ما بساحة عظمته، ولا يدنو شيء من شين إلى جناب عزته {الظنونا *} أي أنواع الظن إما بالنسبة إلى الأشخاص فواضح، وذلك بحسب قوة الإيمان وضعفه، وأما بالنسبة إلى الشخص الواحد فحسب تغير الأحوال، فتارة يظن الهلاك للضعف، وتارة النجاة لأن الله قادر على ذلك، ويظن المنافقون ومن قاربهم من ضعفاء القلوب ما حكى الله عنهم؛ قال الرازي في اللوامع: ويروى أن المسلمين قالوا: بلغت القلوب الحناجر، فهل من شيء نقول؟