للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جمعها وقوة تراصّها.

ولما وصفهم سبحانه بهذه الدنايا.

أخبر بأن أساسها وأصلها الذي نشأت عنه عدم الوثوق بالله لعدم الإيمان فقال: {أولئك} أي البغضاء البعداء الذين محط أمرهم الدنيا {ولم يؤمنوا} أي لم يوجد منهم إيمان بقلوبهم وإن أقرت به ألسنتهم.

ولما كان العمل لا يصح بدون الإيمان، سبب عن ذلك قوله: {فأحبط الله} أي بجلاله وتفرده في كبريائه وكماله {أعمالهم} أي أبطل أرواحها، فصارت أجساداً لا أرواح لها، فلا نفع لهم بشيء منها لأنها كانت في الدنيا صوراً مجردة عن الأرواح التي هي القصود الصالحة، فإنهم لا قصد لهم بها إلا التوصل إلى الأعراض الدنيوية، وهذا إعلام بأن من كانت الدنيا أكبر همه فهو غير مؤمن، وأنه يكون خواراً عند الهزاهز، ميالاً إلى دنايا الشجايا والغرائز.

ولما كان من عمل عملاً لم يقدر غيره وإن كان أعظم منه أن يبطل نفعه به إلا بسعر شديد، قال تعالى: {وكان ذلك} أي الإحباط العظيم مع ما لهم من الجرأة في الطلب والإلحاف عند السؤال وقلة الأدب {على الله} بما له من صفات العظمة التي تخشع لها الأصوات، وتخرس الألسن الذربات {يسيراً *} لأنه لا نفع إلا منه

<<  <  ج: ص:  >  >>