أي تظاهرن من البيوت بغير حاجة محوجة، فهو من وادي أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهن بعد حجة الوداع بلزوم ظهور الحصر {تبرج الجاهلية الأولى} أي المتقدمة على الإسلام وعلى ما قبل الأمر بالحجاب، بالخروج من بيت والدخول في آخر، والأولى لا تقتضي أخرى كما ذكره البغوي، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنها ما بين نوح وإدريس عليهما السلام، تبرج فيها نساء السهول - وكن صباحاً وفي رجالهن دمامة - لرجال الجبال وكانوا صباحاً وفي نسائهن دمامة، فكثر الفساد، وعلى هذا فلها ثانية.
ولما أمرهن بلزوم البيوت للتخلية عن الشوائب، أرشدهن إلى التحلية بالرغائب، فقال:{وأقمن الصلاة} أي فرضاً ونفلاً، صلة لما بينكن وبين الخالق لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر {وآتين الزكاة} إحساناً إلى الخلائق، وفي هذا بشارة بالفتوح وتوسيع الدنيا عليهن، فإن العيش وقت نزولها كان ضيقاً عن القوت فضلاً عن الزكاة.
ولما أمرهن بخصوص ما تقدم لأنهما أصل الطاعات البدنية والمالية، ومن اعتنى بهما حق الاعتناء جرتاه إلى ما وراءهما، عم وجمع في قوله:{وأطعن الله} أي ذاكرات ما له من صفات الكمال {ورسوله}