ودهن ذلك، لكونه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شديد المحبة لإدخال السرور على القلوب، زاده ترغيبا بقوله:{وكان الله} أي أزلاً وأبداً {عليماً} أي بكل شيء ممن يطيعه ومن يعصيه {حليماً *} لا يعاجل من عصاه، يل يديم إحسانه إليه في الدنيا فيجب أن يتقي لعلمه وحلمه، فعلمه موجب للخوف منه، وحلمه مقتض للاستحياء منه، وأخذ الحليم شديد، فينبغي لعبده المحب له أن يحلم عمن يعلم تقصيره في حقه، فإنه سبحانه يأجره على ذلك بأن يحلم عنه فيما علمه منه، وأن يرفع قدره ويعلي ذكره، روى البخاري في التفسير عن معاذة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن أنزلت هذه الآية {ترجي من تشاء منهن} الآية، قلت لها: ما كنت تقولين؟ قالت: كنت أقول له: إن كان ذاك إليّ فإني لا أريد يا رسول الله أن أوثر عليك أحداً.
ولما أمره بما يشق من تغير العوائد في أمر العدة، ثم بما قد يشق عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من تخصيصه بما ذكر خشية من طعن بعض من لم يرسخ إيمانه، وختم بما يسر أزواجه، وصل به ما يزيد سرورهن من تحريم غيرهن عليه شكراً لهن على إعراضهن عن الدنيا