مخايلها أو مخايل أشكالها، أقبل عليهن بالخطاب لأنه أوقع في النفس، فقال آمراً عاطفاً على ما تقديره: فأظهرن على من شئتن من هؤلاء: {واتقين الله} أي الذي لا أعظم منه، فلا تقربن شيئاً مما يكرهه، وطوى ما عطف عليه الأمر بالتقوى بعد أن ساق نفي الجناح في أسلوب الغيبة، وأبرز الأمر بها وجعله في أسلوب الخطاب إيذاناً بأن الورع ترك الظهور على أحد غير من يملك التمتع، فإن دعت حاجة كان مع الظهور حجاب كثيف من الاحتشام والأدب التام.
ولما كان الخوف لا يعظم إلا ممن كان حاضراً مطلقاً، قال معللاً مؤكداً تنبيهاً على أن فعل من يتهاون في شيء من أوامره فعل من لا يتقي، ومن لا يتقي كمن يظن أنه سبحانه غير مطلع عليه:{إن الله} أي العظيم الشأن {كان} أزلاً وأبداً {على كل شيء} من أفعالكن وغيرها، ولمزيد الاحتياط والورع في ذلك عبر بقوله:{شهيداً *} أي لا يغيب عنه شيء وإن دق، فهو مطلع عليكن حال الخلوة ممن ذكر، كما هو مطلع على غير ذلك فليحذره كل أحد في حال الخلوة كما يحذره في حال الجلوة، فيا لها من عظمة باهرة، سطوة ظاهرة قاهرة، يحق لكل أحد أن يبكي منها الدماء فضلاً عن الدموع، وأن تمنعه مريح القرار ولذيذ الهجوع، روى البخاري