المخلص نادر جداً بقوله:{ويتوب الله} أي بما له من العظمة {على المؤمنين} أي العريقين في وصف الإيمان وهو الثابون عليه إلى الموت {والمؤمنات} العصاة وغيرهم فيرفقهم لبذلها بعد حملها فالآية من الاحتباك: ذكر العذاب أولاً دليلاً على النعيم ثانياً، والتوبة ثانياً دليلاً على منعها أولاً أي عرض هذا العرض وحكم هذا الحكم ليعذب وينعم بحجة يتعارفها الناس فيما بينهم.
ولما كان هذا مؤذناً بأنه ما من أحد إلا وقد حملها وقتاً ما، فكان مرغباً للقلوب مرهباً للنفوس، قال مؤنساً لها مرغباً:{وكان الله} أي على ما له من الكبر والعظمة والانتقام والملك والسطوة {غفوراً} أي محاء لذنوب التائبين الفعلية والإمكانية عيناً وأثراً {رحيماً} أي مكرماً لهم بأنواع الإكرام بعد الرجوع عن الإجرام، ولما أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مطلعها بالتقوى أمر في مقطعها بذلك على وجه عام، وتوعد المشاققين والمنافقين الذين نهى في أولها عن طاعتهم، وختم بصفتي المغفرة والرحمة كما ختم في أولها بهما آية الخطأ والتعمد، فقد تلاقيا وتعانقا وتوافقا وتطابقا - والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، وهو أعلم بالصواب.