بعد جماحها بطغيان النعم صعباً، وكانت قريش قد شاركت سبأ فيما ذكر وزادت عليهم برغد العيش وسهولة إتيان الرزق بما حببهم به وبلدهم إلى العباد بدعوة أبيهم إبراهيم عليه السلام مع آمن البلد وجلالة النسب وعظيم المنصب كما أشار إليه قوله تعالى {وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة}[النحل: ١١٢] قال تعالى محذراً لهم مثل عقوبتهم: {لكل صبار شكور *} أي من جميع بني آدم، مشيراً بصيغة المبالغة إلى ذلك كله، وأن من لم يكن في طبعه الصبر والشكر لا يقدر على ذلك، وأن من ليس في طبعه الصبر فاته الشكر.
ولما كان المعنى: آيات في أن تخالفوا إبليس فلا تصدقوا ظنه في احتناكهم حيث قال: {لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلاً}[الإسراء: ٦٢] قال مؤكداً لإنكار كل أحد أن يكون صدق ظن إبليس فيه: {ولقد} أي كان في ذلك آيات مانعة من اتباع الشيطان والحال أنه قد {صدق} . ولما كان في استغوائهم غالباً لهم في إركابهم ما تشهد عقولهم بأنه ضلال، أشار إلى ذلك بأداة الاستعلاء فقال:{عليهم} أي على ذرية آدم عليه السلام.