وأثبت جميع الملك له وحده، أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يقررهم بما يلزم منه ذلك فقال:{قل من يرزقكم} ولما كان كل شيء من الرزق متوقفاً على الكونين، وكان في معرض الامتنان والتوبيخ جمع لئلا يدعي أن لشيء من العالم العلوي مدبراً غيره سبحانه فقال:{من السماوات} وقال: {والأرض} بالإفراد لأنهم لا يعلمون غيرها.
ولما كان من المعلوم أنهم مقرّون بأن ذلك لله وحده كما تقدم التصريح به غير مرة، وكان من المحقق أن إقرارهم بذلك ملزم لهم الإخلاص في العبادة عند كل من له أدنى مسكة من عقله، أشار إلى ذلك بالإشارة بأمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإجابة إلى أنهم كالمنكرين لهذا، لأن إقرارهم به لم ينفعهم فقال:{قل الله} أي الملك الأعلى وحده، وأمره بعد إقامة هذا الدليل البين بأن يتبعه ما هو أشد عليهم من وقع النبل بطريق لا أنصف منه، ولا يستطيع أحد أن يصوب إليه نوع طعن بأن يقول مؤكداً تنبيهاً على وجوب إنعام النظر في تمييز المحق من المبطل بالانخلاع من الهوى، فإن الأمر في غاية الخطر:{وإنا} أي أهل التوحيد في العبادة لمن تفرد بالرزق {أو إياكم} أي أهل الإشراك به من لا يملك شيئاً