ولا شبهة تصوب إليه في حقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله الذي هو أوضح من الشمس دليلاً، وأقوم كل قيل قيلاً:{ولكن} ولما كان الناس الأولين كل من ديه قابلية النوس وهم جميع الخلائق وأكثرهم غير عاص، أظهر مريداً الثقلين من الجن والإنس فقال: فأكثر الناس لا يعلمون أي ليس لهم قابلية العلم فيعلموا أنك رسول الله فضلاً عن أن إرسالك عام، بل هم كالأنعام، فهم لذلك لا يتأملون فيقولون «افترى أم به جنة» ونحو هذا من غير تدبر لما في هذا الكتاب من الحكمة والصواب مع الإعجاز في حالي الإطناب والإيجاز، والإضمار والإبراز، فيحملهم جهلهم على المخالفة والإعراض.
ولما سلب عنهم العلم، أتبعه دليله، فقال معبراً بصيغة المضارعة الدال على ملازمة التكرير للإعلام بأنه على سبيل الاستهزاء لا الاسترشاد:{ويقولون} أي ما أرسلناك إلا على هذا الحال والحال أن المنذرين يقولون جهلاً منهم بعاقبة ما يوعدونه غير مفكرين به في وجه الخلاص منه والتفصي عنه في كل حين استهزاء منهم: {متى هذا الوعد} أي بالبشارة والنذارة في يوم الجمع وغيره فسموه وعداً زيادة في الاستهزاء. ولما كان قول الجماعة أجدر بالقبول، وأبعد عن الرد من