ولما كان اللعن دالاً على العذاب صرح به فقال:{لا يخفف عنهم العذاب} لاستعلاء اللعن عليهم وإحاطته بهم. وقال الحرالي: ذكر وصف العذاب بذكر ما لزمهم من اللعنة ليجمع لهم بين العقابين: عقاباً من الوصف وعقاباً من الفعل، كما يكون لمن يقابله نعيم ورضى - انتهى. {ولا هم ينظرون *} قال الحرالي: من النظرة وهو التأخير المرتقب نجازه فالمعنى أنهم لا يمهلون من ممهل ما أصلاً كما يمهلون في الدنيا - بل يقع عليهم العذاب حال فراقهم للحياة ثم لا يخفف عنهم. قال الحرالي: ففيه إشعار بطائفة أي من عصاة المؤمنين يؤخر عذابهم، وفي مقابلة علم الجزاء بأحوال أهل الدنيا تصنيفهم بأصناف في اقتراف السوء، فمن داومه داومه العذاب ومن أخره وقتاً ما في دنياه أخر عنه العذاب، ومن تزايد فيه تزايد عذابه، وذلك لكون الدنيا مزرعة الآخرة وأن الجزاء بحسب الوصف {سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم *}[الأنعام: ١٣٦] انتهى.
ولما أفاض عليهم سبحانه وتعالى ما أفاض من بحار الحجاج المفرقة بالأمواج وقرر ما أراد من شرائع الإسلام على وجه الإتقان