أي مهما {سألتكم من أجر} أي على دعائي لكم {فهو لكم} لا أريد منه شيئاً، وهو كناية عن أني لا أسألكم على دعائي لكم إلى الله أجراً أصلاً بوجه من الوجوه، فإذا ثبت أن الدعاء ليس لغرض دنيوي، وأن الداعي أرجح الناس عقلاً، ثبت أن الذي حمله على تعريض نفسه لتلك الأخطار العظيمة إنما هو أمر الله الذي له الأمر كله. ولما كانوا يظنون به في بعض ظنونهم أنه يريد أمراً دنيوياً، أكد قوله:{إن} أي ما {أجري إلا على الله} أي الذي لا أعظم منه، فلا ينبغي لذي همة أن يبتغي شيئاً إلا من عنده {وهو} أي والحال أنه {على كل شيء شهيد *} أي بالغ العلم بأحواله، فهو جدير بأن يهلك الظالم ويعلي كعب المطيع.
ولما لم يبق شيء يخدش في أمر المبلغ، أتبعه تصحيح النقل جواباً لمن كأنه يقول: برئت ساحتك، فمن لنا بصحة مضامين ما تخبر؟ فقال مؤكداً لإنكارهم أن يكون ما يأتي به حق معيداً الأمر بالقول، إشارة إلى أن كل كلام صدر دليل كاف مستقل بالدلالة على ما سبق له:{قل} لمن أنكر التوحيد والرسالة والحشر معبراً بما يقتضي العناية الموجبة لنصره على كل معاند، {إن ربي} أي المحسن إلي بأنواع الإحسان، المبيض لوجهي عند الامتحان {يقذف بالحق} أي يرمي به في إثبات جميع ذلك وغيره مما يريد رمياً وحياً جداً لأنه غني عن