وقراءة الهمز إلى أن إرادتهم تأخرت وأبطأت حتى فات وقتها، فجمعت إلى بعد المكان بعد الزمان.
ولما كان البعيد لا يمكن الإنسان تناوله مع بعده قال:{من مكان بعيد *} فإنه بعد كشف الغطاء عند مجيء البأس لا ينفع الإيمان {وقد} أي كيف لهم ذلك والحال أنهم قد {كفروا به} أي بالذي طلب منهم أن يؤمنوا به أملاً وجزاءً {من قبل} أي في دار العمل {و} الحال أنهم حين كفرهم {يقذفون} في أمر ما دعوا إليه بما يرمون به من الكلام رمياً سريعاً جداً من غير تمهل ولا تدبر {بالغيب} أي من مرجمات الظنون، وهي الشبهة التي تقدم إبطالها في هذه السورة وغيرها من استبعادهم البعث وغيره مما أخبر الله به.
ولما كان الشيء لا يمكن أن يصيب ما يقذفه وهو غائب عنه ولا سيما مع البعد قال معلماً ببعدهم عن علم ما يقولون مع بعده جداً من حال من تكلموا فيه سواء كان القرآن أو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو الحشر والجنة والنار:{من مكان بعيد *} وذلك على الضد من قذف علام الغيوب فإنه من مكان قريب فهو معلوم لازم للحق.