بعض أتباعهم، فإنه واحد لا كفؤ له بل ولا مداني فلا مانع لنفوذ أمره؛ ولا يستنكر تجويز هذا العطف لأنه جرت عادة البلغاء أن أحدهم إذا أراد إقامة الحج على شيء لأمر يرتبه عليه أن يبدأ بدليل كاف ثم يتبعه تقريب الثمرات المجتناة منه ثم يعود إلى تأكيده على وجه آخر لتأنس به النفوس وتسرّ به القلوب، وربما كان الدليل طويل الذيول كثير الشعب، فيشرح كل ما يحتاج إليه من ذيوله وما يستتبعه من شعبه، فإذا استوفى ذلك ورأى أن الخصم لم يصل إلى غاية الإذعان أعاد له الدليل على وجه آخر عاطفاً له على الوجوه الأول تذكيراً بما ليس بمستنكر ذلك في مجاري عاداتهم ومباني خطاباتهم؛ ومن تأمل مناظرات الباقلاني وأضرابه من أولي الحفظ الواسع والتبحر في العلم علم ذلك وقال الحرالي: ولما كان مضمون الكتاب دعوة الخلق إلى الحق، والتعريف بحق الحق على الخلق، وإظهار مزايا من اصطفاه الله تعالى ممن شملهم أصل الإيمان من ملائكته وأنبيائه ورسله ومن يلحق بهم من أهل ولايتهم، وإظهار شواهد ذلك منهم وإقامة الحجة بذلك على من دونهم في إلزامهم أتباعهم، وكان الضار للخلق إنما هو الشتات كان النافع لهم إنما هو الوحدة، فلما أظهر لهم تعالى مرجعهم إلى وحدة أبوة آدم عليه الصلاة والسلام في جمع الذرية