ولما رغب في اقتناص العزة بعد أن أخبر أنه لا شيء فيها لغيره، دل على اختصاصه بها بشمول علمه وقدرته، وبين أنها إنما تنال بالحكمة فقال:{إليه} أي لا إلى غيره {يصعد الكلم الطيب} أي الجاري على قوانين الشرع عن نية حسنة وعقيدة صحيحة سواء كان سراً علناً لأنه عين الحكمة، فيعز صاحبه ويثيبه.
ولما أعلى رتبة القول الحكيم، بين أن الفعل أعلى منه لأنه المقصود بالذات، والقول وسيلة إليه، فقال دالاًّ على علوه بتغيير السياق:{والعمل الصالح يرفعه} هو سبحانه يتولى رفعه ولصاحبه عنده عز منيع ونعيم مقيم، وعمله يفوز، قال الرازي في اللوامع: العلم إنما يتم العمل كما قيل: العلم يهتف بالعمل، فإن أجاب وإلا ارتحل - انتهى، وقد قيل:
لا ترض من رجل حلاوة قوله ... حتى يصدق ما يقول فعال
فإذا وزنت مقاله بفعاله ... فتوازنا فإخاء ذاك جمال
ولما بين ما يحصل العزة من الحكمة، بين ما يكسب الذلة ويوجب النقمة من رديء الهمة فقال:{والذين يمكرون} أي يعملون على وجه