الإعلال، فحقيقة الفقر المحمود تجرد السر عن المعلولات.
ولما ذكر العبد بوصفه الحقيقي، أتبعه ذكر الخالق باسمه الأعظم على قرب العهد بذكر الإشارة إلى الجهة التي بها وصف بما يذكر، وهي الإحاطة بأوصاف الكمال فقال:{والله هو} أي وحده {الغني} أي الذي لا يتصور أن يحتاج لا إليكم ولا إلى عبادتكم ولا إلى شيء أصلاً. ولما كان الغنى من الخلق لا يسع غناه من يقصده، وإن وسعهم لم يسعهم عطاؤه لخوف الفقر أو لغير ذلك من العوارض، ولا يمكنه عموم النعمة في شيء من الأشياء فلا ينفعك من نوع ذم، وكان الحمد كما قال الحرالي في شرح الأسماء: حسن الكلية بانتهاء كل أمر وجزء، وبعض منها إلى غاية تمامه، فمتى نقص جزء من كل عن غاية تمامه لم يكن ذلك الكل محموداً، ولم يكن قائمه حميداً، وكان الله قد خلق كل شيء كما ينبغي، لم يعجل شيئاً عن إناه وقدره، وكان الذم استنقاضاً يلحق بعض الأجزاء عند من لم يرها في كلها ولا رأى كلها، فكان الذم لذلك لا يقع إلا متقيداً متى أخذ مقتطعاً من كل، والحمد لا يقع إلا في كل لم يخرج عنه شيء فلا حمد في بعض ولا ذم في كل ولا حمد إلا في كل، ولذلك قال الغزالي: الحميد من العباد من حمدت عوائده وأخلاقه وأعماله كلها من غير مثنوية.