للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الأرض وهي واحدة. ولما قدم ما كان مستغرباً في ألوان الأرض لأنه على غير لونها الأصلي أتبعه ما هو أقرب إلى الغبرة التي هي أصل لونها.

ولما كانت مادة {غرب} تدور على الخفاء الذي يلزمه الغموض أخذاً من غروب الشمس، ويلزم منه السواد، ولذلك يؤكد الأسود بغربيب مبالغة الغرب كفرح أي الأسود للمبالغة في سواده، وكان المقصود الوصف بغاية السواد مخالفة لغيره، قال تعالى عاطفاً على بيض: {وغرابيب} أي من الجدد أيضاً {سود *} فقدم التأكيد لدلالة السياق على أن أصل العبارة «وسود غرابيب سود» فأضمر الأول ليتقدم على المؤكد لأنه تابع، ودل عليه بالثاني ليكون مبالغاً في تأكيده غاية المبالغة بالإظهار بعد الإضمار، وهو معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما: أشد سواد الغرابيب - رواه عنه البخاري، لأن السواد الخالص في الأرض، مستغرب، ومنه ما يصبغ به الثياب ليس معه غيره، فتصير في غاية السواد، وذلك في مدينة فوة ومسير وغيرهما مما داناهما من بلاد مصر.

ولما أكد هذا بما دل على خلوصه، قدم ذكر الاختلاف عليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>