ولما كانت ترجمة الآية أن العلماء هم حملة الكتاب، وبدأ سبحانه بأدنى درجاتهم، وكان ذلك مما يرغب في الكتاب، أتبعه ترغيباً هو أعلى منه، فقال عاطفاً على قوله في تقرير الأصل الثاني الذي هو الرسالة {إنا أرسلناك بالحق}[البقرة: ١١٩] وأكده دفعاً لتكذيب المكذبين به: {والذي أوحينا} أي بما لنا من العظمة {إليك} وبين قدره بمظهر العظمة وقال مبيناً للوحي: {من الكتاب} أي الجامع لخيري الدارين. ولما كان الكتاب لا يطرقه نوع من أنواع التغير لأنه صفة من لا يتغير قال:{هو الحق} أي الكامل في الثبات ومطابقة الواقع له لا غيره من الكلام؛ وأكد حقيته بقوله:{مصدقاً لما بين يديه} أي من الكتب الماضية الآتي لها الرسل الداعون إلى الله المؤيدون بالبراهين الساطعة والأدلة القاطعة.
ولما دل سبحانه على أن العلم هو الحقيقة الثابتة، وما عداه فهو محو وباطل، ودل على أن التالين لكتابه الذي هو العلم هم العلماء، وغيرهم وإن كانوا موجودين فهم بالمعدومين أشبه، ودل على أن الكتب الماضية وإن كانت حقاً لكنها ليست في كمال القرآن، لأن الأمر