أرشد السياق إلى تقديره مشيراً بأداة العبد إلى علو رتبة أهل هذا القسم، وهم هذه الأمة الأمية على اختلاف مراتب إرثهم مع تراخي إرثهم عمن قبلهم، صارفاً القول إلى مظهر العظمة لاقتضاء الحال لها في نزع شيء من قوم وإثباته لآخرين:{ثم أورثنا} أي ملكنا بعظمتنا ملكاً تاماً وأعطينا عطاء لا رجوع فيه، وعبر في غير هذه الأمة {ورثوا الكتاب}[الأعراف: ١٦٩] فانظر فوق ما بين العبارتين تعرف الفرق بين المقامين، ويجوز أن يكون التقدير بعد ما أوحينا إليك: وأورثناكه ثم أورثناه، ولكنه أظهر دلالة على الوصف تنبيهاً على تناهي جمعه للكتب الماضية وإعلاماً بأن «من» في {أوحينا إليك من} للبيان فقال: {الكتاب} أي القرآن باتفاق المفسرين، قال الأصفهاني - الجامع لكل كتاب أنزلنا، فهو أم لكل خير، وقال ابن عباس كما نقله ابن الجوزي: إن الله أورث أمة محمد كل كتاب أنزله {الذين اصطفينا} أي فعلنا في اختيارهم فعل من يجتهد في ذلك {من عبادنا} أي أخلصناهم لنا وهم بنو إسماعيل ومن تبعهم، يعني أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نقله البغوي عن ابن عباس رضي الله عنهما، ونقل عن ابن جرير أنه قال: الإرث: انتقال شيء من قوم إلى قوم، فثم هنا للترتيب، لأن إيتاء هذه الأمة متراخ عن إيتاء