لجميع الجهد إلا أنه مجتنب للكبائر فهو مكفر عنه الصغائر، وهم الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً {ومنهم سابق بالخيرات} أي العبادات وجميع أنواع القربات، موف للمقام الذي أقيم به حقه كلما ازداد قرباً ازداد عملاً، لا يكون سابقاً إلا وهو هكذا، وهم السابقون الأولون من المهاجرون والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، ويؤيد هذا قول الحسن: السابق من رجحت حسناته، والمقتصد من استوت حسناته وسيئاته، والظالم من رجحت سيئاته. وختم بالسابقين لأنهم الخلاصة وليكونوا أقرب إلى الجنات كما قدم الصوامع في سورة الحج لتكون أقرب إلى الهدم وآخر المساجد لتقارب الذكر وقدم في التوبة السابقين عقيب أهل القربات من الإعراب وأخر المرجئين وعقبهم بأهل مسجد الضرار، وقدم سبحانه في الأحزاب المسلمين ورقى الخطاب درجة درجة إلى الذاكرين الله كثيراً، فهو سبحانه تارة يبدأ بالأدنى وتارة بالأعلى بحسب ما يقتضيه الحال كما هو مذكور في هذا الكتاب في محاله، وهذا على تقدير عود الضمير في {منهم} على {الذين} لا على {العباد} وهو مع تأيده بالمشاهدة وإن السياق لأن أهل العلم