للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من ترابها فقال: {في الأرض} أي فيما أنتم فيه منها لا غيره تتصرفون فيه بما قدرتم عليه، ولو شاء لم يصرفكم فيه، فمن حقه أن تشكروه ولا تكفروه.

ولما ثبت أن ذلك نعمة منه، عمرهم فيه مدة يتذكر فيه من تذكر، تسبب عنه قوله: {فمن كفر} أي بعد علمه بأن الله هو الذي مكنه لا غيره، واحتقر هذه النعمة السنية {فعليه} أي خاصة {كفره} أي ضرره. ولما كان كون الشيء على الشيء محتملاً لأمور، بيّن حاله بقوله مؤكداً لأجل من يتوهم أن بسط الدنيا على الفاجر ربح وإكرام من الله له {ولا} أي والحال لأنه لا {يزيد الكافرين} أي المغطين للحق {كفرهم} أي الذي هم متلبسون به ظانون أنه يسعدهم وهو راسخون فيه غير متمكنين عنه، ولذا لم يقل: لا يزيد من كفر قد يكون كفره غير راسخ فيسلم {عند ربهم} أي المحسن إليهم {إلا مقتاً} أي لأنه يعاملهم معاملة من يبغض ويحتقر أشد بغض واحتقار.

ولما كان المراد من هذه الصفات في حق الله تعالى غاياتها، وكان ذكرها إنما هو تصوير له بأفظع صورها لزيادة التنفير من أسبابها، وكانوا ينكحون نساء الآباء مع أنهم يسمونه نكاح المقت، نبه على أنهم لا يبالون بالتمقت إلى المحسن، فقال ذاكراً للغاية مبيناً أن محط نظرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>