للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمور الهينة فكيف بمثل هذا، ولعل استفهامهم عن رؤية شركائهم تنبيه على أنهم من الامتهان والحقارة بحيث يراهم كل من يقصد رؤيتهم ويعلم أنه لا خلق لهم، والله تعالى، بخلاف ذلك في كل من الأمرين، مترد برداء الكبر محتجب بحجاب الجلال والعز، وكل أحد يعلم أنه خالق لكل مخلوق، فكيف يكون من لا يخلق كمن يخلق.

ولما نبههم بهذا الأمر الذي ساقه المعلم بأنه لا ينبغي لعاقل أن يدعي شركة لشيء حتى يعلم الشركة وإن جهل عين المشارك فيه، قال مؤكداً لذلك موسعاً لهم في المحال، زيادة في تبكيتهم على ما هم فيه من الضلال: {أم لهم شرك} أي وإن كان قليلاً {في السماوات} أي أروني ما خلقوا في السماوات، فالآية من الاحتباك: حذف أولاً الاستفهام عن الشركة في الأرض لدلالة مثله في السماء ثانياً عليه، وحذف الأمر بالإراءة ثانياً مثله أولاً عليه.

ولما أتم التبكيت بالاستفهام عن المرئي، أتبعه التوبيخ بالاستفهام عن المسموع، مؤذناً بالالتفات إلى التكلم بمظهر العظمة بشديد الغضب فقال: {أم آتيناهم} أي الشركاء أو المشركين بهم بما لنا من العظمة {كتاباً} أي دالاً على انه من عندنا بإعجازه أو غير ذلك من البراهين

<<  <  ج: ص:  >  >>