في الدهاء والعقل. لأنهم أحد أذهاناً وأقوم لساناً وأعظم عقولاً، وألزم لما يدعو إليه العقل، وأطلب لما يشهد بالفضل، وأكدوا بالقسم لأن الناظر لتكذيب أهل العلم بالكتاب يكذبهم في دعوى التصديق قياساً أخروياً، ودل على إسراعهم في الكذب بالفاء فقال:{فلما جاءهم نذير} أي على ما شرطوا وزيادة، وهو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي كانوا يشهدون أنه خيرهم مع كونه خيرهم نفساً وأشرفهم نسباً وأكرمهم في كل خلق أماً وأباً، وأمتنهم في كل مأثرة سبباً {ما زادهم} أي مجيئه شيئاً مما هم عليه من الأحوال {إلا نفوراً *} أي لأنه كان سبباً في زيادتهم في الكفر كالإبل التي كانت نفرت من ربها فضلت عن الطريق فدعاها فازدادت بسبب دعائه نفرة فأعرقت في الضلال فصارت بحيث يتعذر أو يتعسر ردها فتبين أنه لا عهد لهم مع ادعائهم أنهم أوفى الناس، ولا صدق عندهم مع جزمهم بأنهم أصدق الخلق. ولما كانوا قد جبلوا على الضلال، وكان النفور قد يكون لأمر محمود أو مباح، علله بقوله:{استكباراً} أي طلباً لإيجاد الكبر لأنفسهم {في الأرض} أي التي من شأنها السفول